تحقيقاتشمال أفريقيا

ليبيا: تطورات متسارعة و”برلين3″ لتعديل الأوتار ورسم خارطة طريق توافقية وجامعة 

علي اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

تسارعت خلال الأسبوعين الماضيين التطورات بشكل دراماتيكي بحيث تعددت المشاورات وعرفت كل الأجسام السياسية القائمة أنشطة حثيثة في مقراتها ولقاءات لكبار المسؤولين فيها سواء في المناطق الليبية الثلاث أو في عواصم الإقليم والذي لم تعد فيه سوى عاصمتين تتصدران مربعات الملف الليبي وتحضيان بثقة وقبول أغلب الأطراف المتداخلة فيه (محليا ودوليا) بل وتملكان أسراره وخيوطه وهما القاهرة وأنقرة في ما تتمترس بقية العواصم العربية والإقليمية وراء إحداهما أو كليهما وهو ما يفسر ربما انهما فقط مدعوتان لمؤتمر برلين3 والمقرر عقده نهاية الأسبوع الحالي، فماهي حيثيات وتفاصيل تطورات اليومين الماضيين، وهل سيستطيع مؤتمر 09 سبتمبر الحالي إتمام ما رسمه المؤتمرين السابقين في نفس العاصمة خاصة وأنها اكثر العواصم الغربي وظيفية للولايات المتحدة الأمريكية، وهل سيتم الوصول في آخر سبتمبر الحالي – أو بداية أكتوبر القادم- لخارطة طريق توافقية وجامعة، وهل ستفضي تلك الخارطة إنجاز سريع للانتخابات البرلمانية وتأجيل أولي للرئاسية بحثا عن حلول ولو في شكل مسكنات؟

التطورات الأخيرة أو لماذا تتسارع الأحداث والخطوات؟ 

أولا، تأكد من خلال المشاورات في كل من أنقرة ومالطا والقاهرة وفي طرابلس وبنغازي أن الأطراف الليبية أصبحت تواجه ضغوطاً متزايدة من أجل إجراء الانتخابات في وقت قريب، وقبل ذلك إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات التي لا تزال محل خلاف بين مجلسي النواب والدولة، كما تبين خلال اليومين الماضيين أن الاتراك وهم حلفاء سابقين وحاليين للمنطقة الغربية لم يعودوا يخفون امتعاضهم من سياسات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وتين ذلك خلال لقاء الرجل مع مسؤولين أتراك. وهو ما عبر عنه سفير ليبيا لدى أنقرة عبد الرزاق مختار في تدوين مطولة…

ثانيا، تضغط الإدارة الامريكية على الأطراف الليبية من أجل حسم الخلاف الحكومي بأي صورة، دون أن تبدي بوضوح رأيها في شرعية أي من الحكومتين المتخاصمتين، أو مقترح تشكيل حكومة ثالثة ولكنها تشددت على منع خيار عسكرة الصراع واستخدام السلاح لصالح أي من الأطراف المتصارعة، بما فيها الحكومتان وهو ربما ما سيلزم كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة “خالد المشري” ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح سيزوران أكثر من عاصمة عربية، في إطار سعيهم لاطلاع الأطراف الدولية والإقليمية على رؤاهم الخاصة بتجاوز الانسداد السياسي والدستوري الحاصل في البلاد، وأكدت مصادر مختلفة ومتطابقة من حيث المعطيات أن “صالح” قد يكون أجرى أمس الاثنين إلى العاصمة الأردنية للقاء مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى لاطلاعهم على رؤيته الخاصة بتسوية تمكن الحكومة المكلفة من مجلس النواب من السلطة لفترة تمهيدية لإجراء الانتخابات، مقابل سعي رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري لإقناع القاهرة وأنقرة بضرورة “تشكيل حكومة مصغرة بديلة عن حكومتي الدبيبة وباشاغا لقيادة البلاد نحو الانتخابات”، استنادا إلى رأيه بأن “كلتا الحكومتين ستقف عقبة أمام التوافق على قاعدة دستورية”.

ثالثا، وفقا لقراءات معينة لم ينل رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” دعماً كاملاً من تركيا التي زارها مؤخرا وقال البعض أن كل ما حظي به هو “دعم مشروط بضرورة ضبط إيقاع المجموعات المسلحة في طرابلس”، ووفقا لمصادر إعلامية متطابقة فإن “تحقيق ذلك كفيل بإبقائه في السلطة على حساب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي أي “فتحي باشاغا” لحين إجراء الانتخابات”، وحسب كثير من المصادر فإن تركيا لم تخف امتعاضها من سياسات الرجل خلال لقاءاته مع مسؤولين أتراك”، خصوصا ما يتعلق بـ”خطواته في ملف النفط، والاتصال الذي حدث بينه وبين ومعسكر خليفة حفتر ونتج عنه تعيين رئيس جديد لمؤسسة النفط مقرب من حفتر”، كما إشارات مصادر أخرى إلى أن تركيا “أبلغت الدبيبة بامتعاضها من وقوفه وراء مجموعات مسلحة استخدمت السلاح بشكل مفرط داخل العاصمة”…

رابعا، فعليا تعهد الدبيبة أمام المسؤولين الأتراك بـ”عدم معارضة أي تسوية من شأنها إنجاز خارطة طريق جديدة تفضي إلى إجراء الانتخابات في مدة قريبة، أقصاها مارس/آذار من العام المقبل” وفي المقابل أكدت نفس المصادر، أن باشاغا “لم يحصل على أي وعود تركية بدعم حكومته” مشيرة إلى أن المسؤولين الأتراك شددوا على أهمية “التهدئة العسكرية في طرابلس”، وأكدت مصادر حكومية تركية وثيقة الصلة بكواليس لقاءات الدبيبة وباشاغا في تركيا وجود رغبة تركية في التواصل مع باشاغا لسببين؛ المحافظة على اتصالها بشرق ليبيا والخطوات السياسية التي أنجزتها هناك، بعد طول جفاء، إضافة إلى حرصها على استقرار العاصمة طرابلس وعدم تسبب حلفاء باشاغا في توترات عسكرية جديدة”، والخلاصة أن زيارات القادة الليبيين للعواصم العربية والإقليمية تأتي في سياق محاولاتهم تخفيف الضغط الأميركي لدفعهم نحو إجراء انتخابات قريبة، وواضح أن كل طرف حاول ويحاول تمرير رؤيته التي تصب في تحقيق مصالحه وخاصة في أنقرة والقاهرة…

خامسا، واضح أنه بعد مرور أربع أيام على لقاءات الدبيبة وباشاغا في تركيا لم ينعكس أي جديد في المشهد الليبي، ما يعني أن “تركيا لم تعط وعدا واضحا بالدعم، والأهم من ذلك أن تركيا لم تعلن عن أي موقف واضح، وهو كاف لوضوح موقفها المحايد منهما”، وبالتالي فهو يرى أن ما أنتجته الوساطة التركية لم يتجاوز حد عملها على تجنيب العاصمة تصعيدا عسكريا جديدا، وبقيت حقيقة أخرى قائمة وهي ضرورة أن تتضح المواقف الخارجية بشكل كامل ومن بينها موقف القاهرة والجزائر، فكلتاهما له ثقل في الملف الليبي، كما أن زيارات “عقيلة صالح” و”المشري” تبدو مستمرة، وغير معلنة، ما يزيد من حجم الغموض حول الوضع المقبل كما من الواضح ان مواقف الأطراف الدولية هي قيد التبلور وان ذلك سيمكن من تحديد مصير الانتخابات أو الوضع السياسي الحالي، لافتاً إلى أنه سيناط بالمبعوث الأممي الجديد مهمة إعداد الأطراف الليبية لقبول إجراء الانتخابات وفق جدول زمني جديد.

سادسا، ضمن ذلك الحرك الحثيث والمتسارع في عواصم الإقليم أعلنت الأمم المتحدة وكما هو معلوم عن تعيين “عبد الله باتيلي” مبعوثا أمميا جديدا، في خطوة قد تساهم في دفع الملف باتجاه طريق الانتخابات، بعد 9 أشهر من الإخفاق في اختيار مبعوث أممي ولكن الثابت أن الانتخابات لا تزال مهددة بالخلافات الليبية التي قد تجد في صعوبة التوافق الدولي على حل ليبي فرصة لالتفافات ومناورات جديدة لعرقلته”، ولكن الحقيقة وكما بينا ذلك في مقالات وقراءات سابقة أن تزايد الثقل الأميركي في الملف الليبي قد يكون دافعا باتجاه الانتخابات، لكنه لن يحل الأزمة الليبية إلا بقدر ما يخدم مصالح واشنطن في ظل لعبة المصالح الدولية التي تتعدد فيها الأطراف وقد رحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، منذ ثلاث أيام في تغريدة له “بالمبعوث الجديد، ودعم جهوده للتوسط في اتفاق وضع إطار دستوري وجدول زمني للانتخابات في ليبيا” وفي السياق ذاته، شدد بيان لوزارة الخارجية الأميركية أمس، على “تقديم الولايات المتحدة الدعم الكامل للمبعوث الأممي”، داعية المجتمع الدولي إلى “العمل بشكل وثيق مع عبد الله باتيلي”.

الذهاب لبرلين 3 آخر الأسبوع الحالي: الحيثيات وخارطة الطريق المأمولة 

أولا، يظهر أن لذهاب لـــــــــــــــ”برلين3″ قد ترتب على البناء التراكمي للأحداث والتطورات الجارية منذ بداية أوت الماضي حيث تعددت محاولات “باشاغا” وحلفائه في السيطرة على العاصمة وبالتوزي حاول “حفتر” ونجليه القضاء أو التقليص من الحاضنة لانصار القذافي ومجموعة سيف تحديدا في سرت ومدن الجنوب الليبي كما ان الذهاب لبرلين3 قام على فكرة انه لا حل الا عبر رسم خارطة طريق توافقية وجامعة أيضا وباعتبار أن الوضع في ليبيا لم يحسم من طرف أي من طرفي الصراع (حاليا بواجهة صراع بين حكومتين) وذلك قائم بناء على ما ساميناه في أكثر من مقال منذ 2018 بتوازن الضعف أو توازن القوى محليا واقليما ودوليا كما وعت الأمم المتحدة والفاعل الدولي يقينا ان الصراع في ليبيا هو أولا وأخيرا بين وكلاء محليين ضيقي الأفق الاستراتيجي وأن المحرك إقليمي ودولي أيضا وأن الهدف الأول والأخير يتمثل في جزئيتين/هدفين جزئيين وهما ثروات ليبيا الهائلة والنادرة والعمق الافريقي اليسير ليبيا…

ثانيا، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أعلنت وبوضوح عن عدم قُدرتها على رفع “القوة القاهرة” التي حالت دون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الماضي وعدم وجود أي تقدم بشأن رفعها بسبب الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، مؤكدة أنها جاهزة لاستئناف العملية الانتخابية “حال توفر البيئة السياسية التوافقية، واستتباب الأوضاع الأمنية، وقد جاء ذلك ضمن بيان أصدرته المفوضية ظهر اليوم الأحد بشأن استئناف العملية الانتخابية، أشارت فيه لكتاب هيئة رئاسة مجلس النواب الصادر في 22 اوت الماضي بشأن انقضاء المدة الزمنية التي طالبت بها المفوضية لرفع “القوة القاهرة” التي حالت دون استكمال العملية الانتخابية التي كان من المقرر عقدها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وإلى مطالبة عدد من المترشحين لهذه الانتخابات باستئنافها وإعلان قوائمها الأولية”، وبينت المفوضية في هذا الشأن أن الخلاف والانقسام بين الأطراف السياسية المنخرطة في إقرار الانتخابات تصاعد”، الأمر الذي “لم يُمكن المفوضية من الذهاب قدماً مع شركائها في مسألة معالجة التحديات التي واجهت تنفيذ تلك الانتخابات وتعذر عليها استئناف العملية الانتخابية بهذه المعطيات السياسية والأمنية خلال المدة التي طلبتها المفوضية”،  ولفتت المفوضية إلى أن قرار إيقاف العملية الانتخابية هو قرار “سيادي” صدر عن هيئة سيادية مستقلة، اتخذه مجلسها بعد التشاور مع مجلس النواب ومناقشة خلفياته الفنية والقانونية وفق المادة (34) من القانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، كما أن قرار استئنافها لن يكون إلا قراراً سيادياً يُعبر عن إرادة الليبيين وتطلعهم إلى انتخابات حرة ونزيهة”…

الخلاصة، بعد تعيين “باتيلي” مبعوثا أمميا سابعا وتعدد التحديات أمامه، هل ستنجز الانتخابات فعلا في افق ديمسبر2022 ويونيو/جوان 2023؟ 

أولا، على عكس المواقف السابقة لقي تعيين المبعوث الأممي الجديد ترحيباً ليبياً حيث رحّب رئيس حكومة الوحدة الوطنية بالتعيين مؤكداً في تغريدة مقتضبة دعمه الكامل لعمله، والدفع باتجاه الحل السياسي الشامل الذي يعجل بإصدار قاعدة دستورية توافقية، لإجراء الانتخابات ومن جانبه حثّ رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا نوابه وحكومته على ضرورة الاستمرار في العمل السياسي، والعمل مباشرة مع كل الأجسام والقوى السياسية الداخلية، ومع المبعوث الأممي الجديد والأطراف الدولية، لاستكمال تمكين حكومته من مباشرة مهامها لتهيئة الأوضاع الملائمة للوصول بليبيا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال، ، ورحّب أيضاً المجلس الرئاسي بالتعيين وأشاد بخبرته واطلاعه على الملف الليبي، مثنياً على الجهود المبذولة من قبله أثناء قيامه بتقييم ودراسة هيكلة بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، وموكداً على دور الأمين العام للأمم المتحدة في دعم مساعي الليبيين للوصول إلى حلول سلمية، من خلال بعثتها في ليبيا، للذهاب إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب الآجال، آملاً أن “يسهم باتيلي بخبرته الواسعة في مساعدة الليبيين في الانتقال إلى الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي يتطلع إليها الشعب الليبي”.

ثانيا، في الواقع توجد تحديات ثلاث امام الرجل وهي:  

إنهاء الانقسام الحكومي: فعليا لن تُعارض حكومة “الدبيبة” التعامل مع “باتيلي”، بعد صدور قرار تعيينه لا سيما أنّ تعيينه يأتي في سياق ما ينشده الدبيبة أي “إجراء الانتخابات”، فضلاً عن أنّ “حكومة الدبيبة باتت طرفاً سياسياً فترحيبها أو معارضتها، كما الأطراف الأخرى، لن يؤثر في عمل “باتيلي”، ومعلوم أن الدبيبة صرّح مساء الجمعة (02-09-2022) من تركيا بأنه تلقّى تأكيد الأتراك “على ضرورة أن تكون نهاية خريطة الطريق في ليبيا عبر انتخابات تشرف عليها حكومة الوحدة الوطنية، لتسلم بعدها السلطة لجهة منتخبة”، مطمئناً الليبيين بأنّ “كل المجتمع الدولي اجتمع على أنّ خريطة الطريق الليبية يجب أن تنتهي بانتخابات”، ومتوقعاً “ألا تطول مدة انتظارها”. وفي خريطة طريق جديدة، لابد من تفويض حكومة واحدة لقيادة المشهد، وصولاً للانتخابات”، وهذا يدفع إلى ضرورة “ترميم مشهد الانقسام الحكومي الحالي”، خاصة بعد تحوله إلى صراع مسلّح لا تريد الدول المتداخلة في الملف الليبي تجدده، وهي “أولى العقبات التي ستواجه عمل باتيلي في ليبيا، والسؤال هل يسيتطيع السنغالي الضغط على مجلسي النواب والدولة في هذا الاتجاه، ورعايته لطريق جديد تدفع لإنجاز قوانين انتخابية وأطر دستورية متفق عليها تقود للانتخابات”.

التوفيق بين مجلسي النواب والدولة: السؤال هنام هي الكيفية التي سيتجاوز بها المبعوث السابع كل العقبات التي واجهها منْ سبقوه من مبعوثيين أممين، لا سيما العقبات التي واجهها “يان كوبتش” و”وليامز” أثناء التجهيز للانتخابات، والتي أدت لاستقالة “كوبيش” المفاجئة، وخروج “وليامز” خالية الوفاض، بعد نجاحها السابق أثناء توليها منصب المبعوث الأممي بالإنابة في توحيد السلطة وهنا من غير المستبعد لجوء باتيلي إلى ذات الآلية بتكوين جسم شبيه بملتقى الحوار، محذراً من الانقسام الحاصل على الأرض، لا سيما العسكري الذي يهدد وفق رأيه “إجراء أي عملية انتخابية لا تكون في صالح الأطراف المسيطرة على الأرض، بل وتهدد القبول بنتائجها أيضاً”.

تحدي اللحظة الزمنية والتوافق الدولي: لا شك أن أكثر التحديات التي يمكن أن يخشى من تأثيرها على أعمال وجهود “باتيلي” هو التوقيت، فوصوله إلى إدارة الملف الليبي يأتي في وقت أكثر حساسية وسخونة دولية من الفترات الماضية، فالملف الليبي يقع ضمن الملفات التي تتأثر بحالة الصراع الروسي-الأوروبي الأميركي، خصوصاً مع وجود حديث يشير إلى دعم روسيا والصين لشغل باتيلي هذا المنصب”.

ثالثا، الثابت أن الأيام والأسابيع القادمة في ليبيا مثلما ستكون مليئة بالأحداث والتطورات والمتغيرات فإنها ستكون أيضا حُبلى بالمفاجآت، كما أن امكانية الذهاب للانتخابات في ديسمبر المقبل او جوان/يونيو 2023 أمر وارد بل لا مفر منه في ذهنية الفعل الأممي وضمن فريق “بايدن” ولدى حلفائه في الإقليم كما أن تأجيل الرئاسية وإنجاز البرلمانية قد يكون اقرب للواقع وهو ما يعني إمكانية إقرار خارطة طريق اممية جديدة في افق نهاية الشهر الحالي كنتاج طبيعي للتحركات الحالية والتي تمت وتتم في الكثير من عواصم الإقليم سرا ولعنا، وليبيا كانت ولا تزال رهانا استراتيجيا في صراعات النفوذ بين القوى الدولية أذرعها الوظيفية في الإقليم، كما أن إدارة وترتيب الملف الليبي في حده الأدنى ستعني آليا ترتيبات عاجلة في ملفات بعض دول الجوار وفي الساحل الافريقي تحديدا ذلك أنها بلد مفتاح لكل مربعات الإقليم وترتيب الملف الليبي ستكون انعكاساته الاقتصادية دراماتيكية على الوضع الاقتصادي في تونس ومصر والسودان وتشاد ومالي والنيجر، كما سيتين أن بعض فاعلين ليبيين حاليين سياسيا واجتماعيا سيجدون أنفسهم خارج الحسابات السياسية مستقبلا وان اهم النتائج المرتقبة مستقبلا هي تجديد الطبق السياسية الحالية وأنها ستتحمل وزر واعباء أخطاء السبع سنوات الماضية…

رابعا، سيكون الحل المرتقب والممكن قابلا للتجسيم على الأرض سياسيا واجتماعيا وعسكريا لحظة قرار الأمريكيين النهائي تحويله بالكامل الى ملف أولوي في أجنداتهم – وهو حاليا كذلك بناء على ان ليبيا هي من ضمن 10دول تشملها استراتيجيا الاستقرار ( الموضوعة سنة 2020) وهم بذلك يبحثون على استقرار كامل لمنطقة الشرق الأوسط ولمنطقتي شمال وغرب القارة السمراء (وبما يشمل أيضا منطقة الساحل الافريقي باعتبارها ساحة متحركة وتتحرك فيها التنظيمات الإرهابية)، وسيكون ذلك تحديدا بناء على عاملي التعاطي والتفاعل الأمريكي مع جاهزية القوى المحلية في هندسة مشهد سياسي مستقبلي ضمن إقليم متحرك متوسطيا وافريقيا وعربيا واسلاميا وبناء على ان واشنطن تضع روسيا والصين وايران كملفات أولوية لها في افق نهاية العقد الحالي وبناء على الخطوط الحمراء الامريكية الثلاث (انسياب النفط – التصدي للتنظيمات الإرهابية – منع التواجد الروسي عسكريا) .

اترك تعليقاً

إغلاق